تقنية التعرف على الوجه هي أحد أشكال الأمان البيومتري للتحقق والتأكد من هوية الشخص, بالاعتماد على قياس أبعاد الوجه, لمعرفة المزيد عن مستوى أمانها وفوائدها.
كيف تحكم على جهاز ما أو مكان ما أنه وصل الى مرحلة عالية من التطور؟ إذا أردت التفكير في السؤال ستجد أن هناك العديد من الإجابات والعديد من التقنيات التي يمكنها تحويل أي مكان أو أي جهاز الى مرحلة عالية من التطور. لكن سأركز على تقنية واحدة وهي التعرف على الوجه أو Facial Recognition, على سبيل المثال, هواتف أبل الذكية, متى شعرنا أنها في قمة التطور, عندما أدخلت تقنية التعرف على الوجه الى هواتفها لتكون هي وسيلة فتح الهاتف بدلا من البصمة. ليس هذا فحسب, يمكن أن نرى تقنية التعرف على الوجه كذلك في الفنادق كبديل للمفاتيح أو البطاقات للدخول إلى الغرف أو الوصول إلى مرافق الفندق مثل الصالات الرياضية أو المناطق الخاصة.
بشكل عام تم تطوير هذه التقنية لأغراض الأمان والحماية, فبدلا من التعامل مع كلمات المرور التي يمكن أن تخترق بسهولة أو البطاقات, يتم التعرف على الوجه هذا لا يحسن الأمان فقط، بل يسهل أيضا عملية الوصول إلى الأنظمة والخدمات. إذا ما طبقت هذه التقنية في المعاملات المالية أو الخدمات الإلكترونية، يساعد التعرف على الوجه في التأكد من أن الشخص الذي يقوم بالعملية هو صاحب الحساب الفعلي, مما يقلل من حالات الاحتيال.
تبدو تقنية التعرف على الوجه مثيرة للاهتمام, فإذا كنت تشعر بالفضول حيال معرفة المزيد عنها, أنصحك بقراءة المقال حتى النهاية, لأننا سنناقش فيه مفهومها و التقنيات المستخدمة فيها وفوائدها، إضافة الى مناقشة ما إذا كانت تقنية التعرف على الوجه آمنة أم لا.
تقنية التعرف على الوجه هي تكنولوجيا متقدمة لتحديد وتأكيد هوية شخص ما بناء على وجهه, سواء أكان في صورة أو فيديو أو حتى في الوقت الحقيقي, وذلك من خلال تحديد وقياس أبعاد الوجه في الصورة ومطابقتها مع الوجوه المسجلة في قاعدة البيانات. أيضا, يمكنها تحديد ما إذا كان وجه ما في صورتين مختلفتين تعودان لنفس الشخص, أو البحث عن وجه محدد بين مجموعة كبيرة من الصور.
تعد تقنية التعرف على الوجه أحد أشكال الأمان البيومتري, الى جانب التعرف على الصوت، والتعرف على بصمات الأصابع, والتعرف على شبكية العين أو قزحية العين, تهدف بشكل أساسي الى رفع مستوى الأمان والحماية لأغراض متعددة, مثل تحديد هوية المشتبه بهم, التحقق من الأشخاص في نقاط التفتيش, و مراقبة الأماكن العامة لتعزيز الأمان. ومع ذلك, هناك اهتمام متزايد في استخدام هذه التكنولوجيا في مجالات أخرى أيضا, مثلا, يتم استخدامها في القطاع التجاري لتحسين تجربة العملاء من خلال تخصيص عروض التسويق والمبيعات بناء على البيانات التي يتم جمعها عن الأشخاص.
كما تستخدم في الأجهزة الشخصية مثل الهواتف الذكية لتأمين الوصول إليها عبر التعرف على الوجه, إضافة إلى ذلك، يتم تطوير استخدامات جديدة في مجالات مثل الرعاية الصحية والتعليم والتفاعل مع التكنولوجيا مما يوسع نطاق استخدام هذه التكنولوجيا بطرق جديدة ومبتكرة. [1]
من التكنولوجيا المستخدمة والتي ساعدت في نجاح هذه التقنية, ما يلي:
الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence: وتشمل التعلم الآلي والتعلم العميق, وذلك لتمكين النظام من التعلم من مجموعة كبيرة من البيانات, وتحسين أدائه بمرور الوقت.
الآن وبعد معرفة التقنيات المستخدمة في التعرف على الوجه, سنتعرف على الآلية التي تعمل بها وهي مكونة من 3 خطوات أساسية, قد تختلف هذه الخطوات قليلا نظرا لوجود أنواع مختلفة لأنظمة التعرف على الوجه: [2]
تستخدم كاميرا لهذا الغرض, حيث تلتقط هذه الكاميرا صورة للوجه وتحدده سواء أكان بمفرده أو بين مجموعة من الناس, والسبب في إمكانية تحديد الوجه من بين مجموعة وجوه, هو بسبب الرؤية الحاسوبية حيث أنها قادرة على اكتشاف الوجوه بدقة أفضل من قدرة العين البشرية, حيث تستطيع تحليل محتوى الصور واستخراج المعلومات منها بدقة وسرعة. تطبيقا لما سبق, قد تجد عند استخدامك لهاتفك الذكي تحديد وجهك وذلك بوضع صندوق حوله للتركيز عليه.
بمجرد تحديد الوجه يبدأ النظام بقياس وتحديد أبعاد الوجه لرسم خريطة رقمية, وتشمل هذه القياسات, قياس المسافة بين العينين وعمق تجويف العين, وشكل عظام الخد وتحديد الفك والشفاه والأذنين, ثم تحول هذه المعلومات الى نقاط تسمى بصمة الوجه, يمتلك كل شخص بصمة وجه خاصة به لا يمكن لأحد أن يشاركه بها, تماما كبصمة الأصبع.
بالعودة الى نظام الهاتف عندما تفتحه باستخدام التعرف على الوجه, سيقوم برسم نقاط لإنشاء الخريطة الرقمية وصورة بالأشعة تحت الحمراء لوجهك, ثم تحولان الى بيانات رقمية لمقارنتها مع البيانات المخزنة سابقا في قاعدة البيانات للتأكد من صحتها.
وهي الخطوة الأخيرة التي يقوم بها النظام للتأكد من هوية الشخص بمقارنة وجهه بقاعدة بيانات تحتوي على وجوه أخرى.
بالطبع لا يقتصر هذا الأمر على الهاتف الذكي, بل يمكن مقارنة الوجوه في صور مختلفة مثل صور جوازات السفر, أو صور شخصية أو حتى الصور على وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها.
إذا لتحديد مدى تطابق الوجوه تستخدم أنظمة التعرف على الوجه ما يسمى بدرجة الثقة Confidence Score, وهي قيمة عددية تعكس مدى احتمالية أن يكون الوجه الحالي هو نفسه الوجه الموجود في قاعدة البيانات, حيث كلما كانت درجة الثقة أعلى, زادت احتمالية تطابق الوجهين.
إذا هي أداة تستخدم لقياس مدى تطابق الوجه الحالي مع الصور الموجودة في قاعدة البيانات, فعندما يقارن النظام وجه الشخص بالصورة المخزنة فإنه يحدد مدى التشابه بين الصور باستخدام درجة الثقة, فمثلا إذا كانت درجة الثقة 90% فهذا يعني أن هناك احتمالا بنسبة 90% أن يكون الوجه هو نفسه الوجه المخزن.
رغم تحول نظم الأمان البيومترية من بصمة الأصبع الى التعرف على الوجه- كما فعلت شركة أبل بهواتفها الذكية- يدفعنا هذا للتساؤل ما إذا كانت أكثر أمانا من بصمة الأصبع أم لا. لا يوجد إجابة مباشرة على هذا السؤال, فلكل إيجابياتها وسلبياتها. بينما تستخدم تقنية التعرف على الوجه ملامح الوجه للشخص للتأكد من هويته ومقارنتها بالبيانات المخزنة سابقا, تعتمد تقنية بصمة الأصبع على النمط المميز للثنيات وانحناءات الخطوط على الأصابع لتتحقق من هوية الشخص.
أحد أوجه الاختلافات بينهما هو أن التعرف على الوجه يمكن إجراؤها عن بعد ولا تتطلب لمس أي جهاز أو سطح مما يجعلها أكثر راحة للمستخدمين, على عكس بصمة الأصبع التي تتطلب تلامسا مع الجهاز المخصص حتى تلتقط وتحتفظ بالبصمة, قد لا يكون هذا مريحا أو مناسبا لبعض الأشخاص. من ناحية أخرى, تكون تقنية التعرف على الوجه أقل دقة من بصمة الأصبع, وذلك لأنها تتأثر بعدة عوامل منها:
أولا, تغير الإضاءة, الإضاءة المتغيرة يمكن أن تؤثر على جودة الصورة الملتقطة للوجه, مما يجعل من الصعب مطابقة الوجه بالصورة المخزنة في قاعدة البيانات.
ثانيا, قد يتغير مظهر الشخص بسبب نمو أو إزالة الشعر الوجهي, مثل اللحية أو الشارب, مما يمكن أن يسبب مشاكل في التعرف عليه.
وأخيرا, تعبيرات الوجه المختلفة, مثل الابتسام أو العبوس, يمكن أن تغير ملامح الوجه بشكل طفيف, مما قد يؤثر على دقة التعرف. من ناحية الدقة, تعتبر تقنية بصمة الأصبع أكثر دقة وذلك لعدم تغييرها بمرور الزمن, كما أنها فريدة لكل شخص, أما من ناحية التقليد والتزييف فيكون من الصعب جدا تقليدها أو تزييفها.
إكمالا لموضوعي أمان التقنية, يحب أيضا أن نذكر نقطة الدفع باستخدام الوجه, حيث تطورت تقنيات الدفع حتى أصبحت تقنية التعرف على الوجه إحدى طرق الدفع, هل الدفع بواسطة التعرف على الوجه آمن؟ عندما تقوم بالدفع باستخدام الوجه, فإن نظام الوجه يقوم بتخزين بصمة وجهك في قاعدة البيانات, والتي للأسف قد تكون معرضة لخطر السرقة والاحتيال مما يعرضك لخطر سرقة الهوية.
الى جانب هذا, هل فكرت في كيفية تخزين هذه البيانات وأين, ومن لديه الإذن بالوصول إليها, وكيف سيتم استخدامها, تثير هذه التساؤلات المخاوف في أن تقنية التعرف على الوجه قد تستخدم لمراقبة الأفراد بشكل دائم وتتبع أنشطتهم وتصرفاتهم دون علمهم أو موافقتهم, مما يعرض حياتهم الخاصة وحقوقهم في الخصوصية للخطر.
إذا تعتمد درجة أمان هذه التقنيات بشكل كبير على كيفية تنفيذها وتأمينها من قبل المنظمات التي تستخدمها, يمكن أن تشمل هذه التدابير استخدام تقنيات متقدمة للكشف عن ما إذا كان المستخدم حقيقيا وليس صورة أو فيديو, كما يمكن أن تشمل تأمين قواعد البيانات بشكل قوي لحماية المعلومات البيومترية المخزنة من الوصول غير المصرح به. بالتالي, فإن مستوى الأمان ليس مجرد مسألة تقنية, بل هو أيضا مسألة تنظيمية تتعلق بكيفية استخدام وتأمين هذه التقنيات من قبل المؤسسات. [3]
بعيدا عن مسألة الأمان المتعلقة بها, إلا أن هناك العديد من الفوائد المترتبة على استخدامها, والتي تتمثل في: [4]
الخاتمة
في ختام هذا المقال, يمكن القول إن تقنية التعرف على الوجه تمثل خطوة هامة نحو تحقيق مستويات أعلى من الأمان والراحة في مختلف المجالات, بدءا من الهواتف الذكية التي أدخلت هذه التقنية لتحسين الأمان الشخصي, وصولا إلى الفنادق والشركات التي تعتمد عليها لتأمين الوصول إلى الأماكن والخدمات. توفر هذه التكنولوجيا فوائد متعددة, مثل تعزيز الأمان, وحماية الهوية الشخصية, والحد من الجريمة، وسرعة التحقق من الهوية.
ومع استخدام الذكاء الاصطناعي والشبكات العصبية والرؤية الحاسوبية, أصبحت هذه التقنية دقيقة وفعالة بشكل متزايد. رغم ذلك, من المهم مراعاة الجوانب المتعلقة بالخصوصية والأمان السيبراني عند تنفيذها لضمان حماية البيانات البيومترية ومنع إساءة استخدامها. بذلك, تعتبر تقنية التعرف على الوجه مثالا رائعا على كيفية تسخير التكنولوجيا الحديثة لتحسين حياتنا اليومية وجعلها أكثر أمانا وكفاءة.
المصادر